الصراط واهوال القيامة

الصراط واهوال القيامة
====================

من كتاب اسرافيل واهوال القيامة لمنصور عبدالحكيم·
==================================

مهما طالت الدنيا فانها الى زوال .. ومهما طال بك العمر فالموت والقبر هو النهاية .. فلانسان اذا مات قامت قيامته فاذا نفخ فى الصور نفخة الصعق ماتت كل الخلائق الا ما شاء الله ثم تاتى نفخة البعث للحساب والجزاء كل انسان حسب ما قدم فى دنياهفان عمل خيراً فخير، وإن شراً فشر انه يوم النشور حين ذلك ينفخ في الصور فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين ، حفاة بلا نعال و عراة بلا ثياب و غرلا بلا ختان .حدَّث النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث فقالت عائشة : يا رسول الله الرجال و النساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن الأمر أشد من أن ينظر الرجل إلى النساء أو النساء إلى الرجال ، إنه أعظم من أن تسأل الأم عن ولدها و الابن عن أبيه ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون ) (المؤمنون: )
،( إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت و تضع كل ذات حمل حملها و ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى و لكن عذاب الله شديد ) ( الحج )

،هناك قلوب واجفة و أبصار خاشعة ، هناك نشر الدواوين و هي صحائف الأعمال ، فيأخذ المؤمن كتابه بيمينه ، و يأخذ الكافر كتابه بشماله، و من وراء ظهره ، فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول فرحاً و مسروراً : ( هاؤم اقرءا كتابيه ) ( و أما من أوتي كتابه بشماله ) فيقول حزِناُ غماً : ( ياليتني لم أوت كتابيه ) و يدعو ثبوراً و هناك توضع الموازين فتوزن فيها أعمال العبـاد من خير( فمن يعمل مثقال مثقال ذرة خيراً يـره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)، قال الله تعالى : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً و إن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين) (الأنبياء)

*و في ذلك اليوم يموج الناس بعضهم في بعض ، و يلحقهم من الغم و الكرب مالا يطيقون فيقول الناس ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم فيأتون آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسـى عليهم الصلاة و السلام و كلهم يقدمون عذراً ، ثم يأتون إلى عيسى رضي الله عنه فيقول : لست لها و لكن ائتوا محمداً عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر،فيأتون إلى النبي صلى الله عليه و سلم فيقول مفتخراً بنعمة الله : أنا لها ، فيستأذن من ربه عز و جل و يخر له ساجداً و يضع الله غليه من محامده و حسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبله فيدَعُهُ الله ما شاء الله أن يدعَه ثم يقول يا محمد : ارفع رأسك و قل تسمع و اشفع تشفع و سل تعطه،
و في ذلك اليوم ينزل الله للقضاء بين عباده و حسابهم ، فيخلو بعبده المؤمن وحده و يضع عليه ستره و يكلمه ليس بينه و بينه ترجمان ، فيخبره بما عمل من ذنوبه حتى يقر و يعترففيظهر الله عليه فضله فيقول : قد سترتها عليك في الدنيا و أنا أغفرها لك اليوم،
و في ذلك اليوم الحوض المورود لمحمد صلى الله عليه وسلم ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن و أحلى من العسل و أطيب من ريح المسك طوله شـهر و عرضه شهر و آنيته كنجوم السماء كثرة و إضاءة لا يَرِدُه إلا المؤمنون به المتبعون لسنته ، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً ، و أول الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين ،في ذلك اليوم تدنو الشمس من الخلق حتى تكون فدر ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمهم العرق إنجاماً، و يظل الله من يشاء في ظله يوم لا ظل إلا ظله
. في ذلك اليوم يقول الله ياآدم : فيقول لبيك و سعديك و الخير كله في يديك ، فيقول أخْرج بعثَ النار من ذريتك ، قال : و ما بعث النار ؟ قال من كل ألف تسعمائة و تسعة و تسعون ، فعند ذلك يشيب الصغير.

و في ذلك اليوم يوضع الصراط على متن جهنم أدق من الشعرة و أحد من السيفو ترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يميناً و شمالا ، فيمر الناس عليه على قدر أعمالهم تجري بهم أعمالهم ، فمنهم من يمر كلمح البصر و منهم من يمر كالبرق ، و منهم من يمر يزحف ،
و منهم ما بين ذلك ،و نبيكم صلى الله عليه و سلم قائم على الصراط يقول : يا رب سلم سلم ، و في حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأخذ من أمِرَتْ به فمخدوش ناج و مكروس في النار . في ذلك اليوم يتفرق الناس إلى فريقين ، فريق في الجنة و فريق في السعير ( و يوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون و أما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا و لقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون ).

فاتقوا الله عباد الله : و خذوا لهذا اليوم عدته فإنه مصيركم لا محـالة و موعـدكم لا ريب فيـه، و إنه على عِظمِه و شدته و هوله لَيَكون يسيراً على المؤمنين المتقين لأن الله يقول : ( و كان يوما على الكفرين عسيراً). فآمنوا بالله و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه . والصراط ثابت بالكتابوالسنة والإجماعقالتعالى: وَلَوْنَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَفَأَنَّى يُبْصِرُون(يس، 66)،ويقول ايضا : وَإِنْمِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا(مريم: 71).

وروى ابنعباس وابن مسعود وكعب الأحبار أنهم قالوا: الوُرود المرور على الصراط،رواه السدي عن ابن مسعود عن النبي،وعن الأحوص عن عبد الله قوله: وَإِنْمِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَاقال الصراط علىجهنم مثل حد السيف. ويقول صاحبالمقاصد : ويشبه أن يكون المرور عليه أي الصراط هو المراد بورود كل أحدالنار قال تعالى: وَإِنْمِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا. روى الإمامالبخاري، بسنده عن أبي هريرة، حديثاً عن أهوال يوم القيامة، جاء فيه أنرسول اللهقال: فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنْ الرُّسُلِبِأُمَّتِهِ وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلا الرُّسُلُوَكَلامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَفِيجَهَنَّمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ هَلْ رَأَيْتُمْشَوْكَ السَّعْدَانِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِالسَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلااللَّهُ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُبِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو .

روى الشيخان بسندهما، عن أبي سعيد الخدري، حديثاً طويلاً، جاء فيه: ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَىجَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ وَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَلِّمْسَلِّمْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ قَالَ دَحْضٌمَزِلَّةٌ فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍفِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ فَيَمُرُّالْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِوَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍمُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَوَالَّذِي نَفْسِيبِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِياسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَالْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ فِي النَّارِ يَقُولُونَرَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَفَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْعَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَخَذَتْ النَّارُإِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَرَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ فَيَقُولُارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْخَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ…الحديث .

والصراطأجمعت عليه الأمة. يقول صاحب الجوهرة: "اتفقت الكلمة عليه في الجملة أيبقطع النظر على إبقائه على ظاهر، كما هو مذهب أهل السنة". يقول القاضي عبد الجبار ـ من المعتزلة ـ: من جملة ما يجب الإقرار به واعتقاده،الصراط، وهو طريق بين الجنة والنار، وقد دل عليه القرآن الكريم قال الله، تعالى: اهْدِنَاالصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْغَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينـ الفاتحة،
هل الصراطخاص للمؤمنين أم هو عام لجميع الخلق؟.
قال السيوطي: إن من يلتقطهم عنق النار، و هم طوائف مخصوصة من الكفار، قال القرطبي: "في الآخرة صراطان، صراط لعموم الخلق، إلا من يدخل الجنة بغير حساب،ومن يلتقطهم عنق النار، وصراط للمؤمنين خاصةقال السيوطي،بعد أن ذكر كلامه القرطبي: "إن من يلتقطهم عنق النار، وهم طوائف مخصوصةمن الكفار، لا يمرون على الصراط أصلاً، وكذلك بعث النار، الذي يخرج منالخلق إليها قبل نصب الصراط، والظاهر أنه لا يمر على الصراط من الكفار،إلا المنافقون وأهل الكتابين اليهود والنصارى؛ فإن هؤلاء الفرق الثلاثورد في الحديث أنهم يحملون عليه، فيسقطون منه في النار.
نعم الصراط جسر ممدود على متن جهنم يصعد الناس به إلى الجنة، من صعد وصل إلى الجنة، ومن سقط ففي النار، وعليه كلاليب تخطف من أُمرت بخطفهم، نسأل الله السلامة، على حسب الأعمال، يمرّ الناس عليه على حسب الأعمال، أول زمرة تمر كالبرق الخاطف، ثم كالريح ثم كالطير ثم كأجاود الخيل، ثم رجل يعدو عدوًا - يركض ركضًا - ثم رجل يمشي مشيًا، ثم رجل يزحف زحفًا، حتى تعجز أعمال العباد.
وعلى الصراط كلاليب تخطف من أُمرت بخطفهم، وتلقيه في النار على حسب الأعمال، يتساقط العصاة فيه، يعذبون إلى ما شاء الله ثم يخرجهم الله على حسب جرائمهم، وأما الكفرة فإنهم يساقون إلى النار سوقًا -والعياذ بالله- ليس لهم حسنات، بل تُعدّ عليهم جرائمهم، ثم يساقون إلى النار ويتساقطون فيها -والعياذ بالله- يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا قول الله تعالى. وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ظاهرها أنهم الزمرة الأولى. قال الله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فسَّرها عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وقتادة وزيد بن أسلم بالمرور على الصراط،
وفسَّرها جماعة منهم ابن عباس -رضي الله عنهما- بالدخول في النار لكن ينجون منهم. الصواب أن المراد المرور على الصراط، الورود: هو المرور على الصراط، هذا أصحّ القولين، ولا يلزم من ذلك الدخول، وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا يعني: يمرّ عليها ولا يلزم منه الدخول، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا.
وقال آخرون: المراد بها الدخول لقوله ثُمَّ نُنَجِّي يعني: دخلوا ثم نجوا، والجواب: أنه ما يلزم الدخول، فمن تعرض للخطر يقال نجاه الله منه، ولو لم يصبه نعم. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحلّ الشَّفاعة، ويقولون: اللهم سَلِّم سلِّم (متفق عليه )

واتفق أهل السنة على إثباته. صفة الصراط: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصراط فقال: مَدْحَضة مَزَلَّة، عليها خطاطيف وكلاليب وحَسَكة مفلطحة، لها شوكة عُقَيفاء تكون بنجد، يقال لها السَّعْدَان رواه البخاري وله من حديث أبي هريرة وبه كلاليب مثل شوك السعدان غير أنها لا يَعلم ما قدر عظمها إلا الله، يخطفن الناس بأعمالهم وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: بلغني أنه أدَقُّ من الشعر وأحَدُّ من السيف

وروى الإمام أحمد نحوه عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا. ولا يعْبُر الصراط إلا المؤمنون على قدر أعمالهم، لحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه: فيمر المؤمنون كطرْف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والرِّكَاب، فناجٍ مُسَلَّم، ومخدوش مَرْسل، ومكدوس في جهنم (متفق عليه. )

وفي صحيح مسلم تجري بهم أعمالهم، ونبيّكم قائم على الصراط يقول: يا رب سلِّم سلِّم، حتى تعْجَزَ أعمال العباد، حتى يجئ الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا
وفي صحيح البخاري حتى يمرّ آخرُهم يُسحب سحبًا . وأول من يعبر الصراط من الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن الأمم أمته، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم رواه البخاري فهل استعد كل منا لهذا اليوم بالاعمال الصالحة التى ترضى ربنا عزوجل ؟اذا لم نكن كذلك فلنسارع الى التوبة ثم العمل الصالح .
.وصلى اللهم على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم
.كتبه/ منصور عبدالحكيم

تعليقات

‏قال asaseat
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العائذ الأول والثاني ونهاية هلكة العرب _منصور عبد الحكيم

الشياطين الملجمة التى تظهر آخر الزمان - منصور عبد الحكيم

الاعشاب والجن لمنصور عبدالحكيم